التحويلات المالية من المهجر هي أمر في غاية الأهمية من أجل التعافي من أزمة جائحة كوفيد-19

غير أنه ينبغى للاقليم اتخاذ الإصلاحات اللازمة من أجل ضمان حدوثها

وفقا للبنك الدولى سوف تنخفض تدفقات التحويلات المالية إلى بلدان أفريقيا جنوب الصحراء بنسبة 23.1% وذلك من 48 بليون دولار أمريكي في 2019، إلى 37 بليون دولار أمريكي في 2020، وذلك في أعقاب الأزمة الاقتصادية المترتبة على تفشى جائحة كوفيد-19. وعالميا فإن البلدان التى تأتى على رأس قائمة البلدان المتلقية للتحويلات المالية خلال السنة الماضية هي كل من الهند (79 بليون دولار أمريكي) والصين (67 بليون دولار أمريكي) والمكسيك (36 بليون دولار أمريكي) والفلبين (34 بليون دولار أمريكي) ومصر (26.7 بليون دولار أمريكي) وذلك من بين بلدان أخرى.

أما في اقليم الكوميسا فإن على رأس قائمة البلدان المتلقية للتحويلات المالية تأتى جمهورية مصر العربية (26.791 مليون دولار) وكينيا (2,819 مليون دولار أمريكي) وتونس (1,912 مليون دولار أمريكي) وجمهورية الكونغو الديمقراطية (1,823 مليون دولار أمريكي) وزيمبابوى (1,730 مليون دولار أمريكي). أما من ناحية مساهمة التحويلات المالية في الناتج المحلى الإجمالى فقد جاءت زيمباوبوى على رأس القائمة بنسبة 13.5% ثم جزر القمر (11.5%) ومصر (8.2%).

كذلك فإن تقديرات البنك الدولى تشير إلى أن الاستثمار الأجنبى المباشر سينخفض بما يتراوح بنسبة 35% بسبب القيود على السفر وإختلال التجارة الدولية وتدهور أسعار الأسهم متعددة الجنسيات. وبناءا على ذلك فإن التحويلات المالية من جانب المهجر سوف تظل على أهميتها بالنسبة لعدد من البلدان في الاقليم.

وقد أبدى مدير التجارة والجمارك في الكوميسا الدكتور/ كريستوفر أونيانجو ملاحظته حول الآتى:

“التحويلات المالية من قبل الذين يعيشون في المهجر هي مصدر مهم للاستثمارات وتهيئة المناخ للنمو الاقتصادي والتنمية المُستدامة. وللتحويلات المالية آثارا مضاعفة على الاقتصاد من خلال المدخرات والاستثمارات والقدرة المالية واستدامة الدين”.

وأشار في تقريره حول أثر جائحة كوفيد-19 على التحويلات المالية من جانب المهجر إلى أن الدول الغنية مثل الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا والمملكة المتحدة وإيطاليا والصين التى تمثل ما يصل إلى ربع جميع الأموال التى يتم تحويلها إلى البلدان الأفريقية هي من بين البلدان الأشد تأثرا بتفشى الجائحة.

وأضاف ” بأن المهاجرين الذين يعيشون في الخارج فقدو وظائفهم وانخفضت أجورهم في ظل تفشى فيروس كورونا والإغلاق الذي ترتب عليه مما قاد إلى تدهور التحويلات المالية بشكل حاد. ونظرا لذلك فقد عانت عدد من البلدان من ضربة مزدوجة ولاسيما تلك التى تسهم التحويلات المالية بقدر كبير في ناتجها المحلى الإجمالى”.

علاوة على ذلك فقد أدى تفشى جائحة كوفيد-19 إلى تقييد التنقل والسفر بشكل كبير في البلدان وهذا الأمر ربما يؤدى إلى القضاء على المكاسب التى تحققت في تعزيز المزيد من الانفتاح والمرونة في الهجرة. ويأتى ذلك بسبب الحاجة إلى مجموعة من المهنيين والعمال شبه المهرة لتوفير مختلف الخدمات.

وأضاف الدكتور/ أونيانجو قائلا بأن: “حوالى 13% من العاملين في المجالات الأساسية، بما في ذلك فنيي تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والمعلمين والمهنيين الصحيين والرياضيين من الرجال والسيدات وعمال النظافة والسواقين وغيرهم من العمال في أوروبا هم من المهاجرين. ومن المرجح أن تؤدى سياسات الهجرة الصارمة إلى تسريح العمال المهاجرين وبالتالى تقليص التحويلات المالية من بلدان المهجر.

ويتمثل التحدى الاخر في ارتفاع تكلفة التحويلات. وطبقا لقاعدة بيانات البنك الدولى العالمية لأسعار التحويلات فإن متوسط التكلفة عالميا لإرسال 200 دولار أمريكي تبلغ حوالى 7% خلال الربع الأول من عام 2019. وبالتالى فإنه ليس مثيرا للدهشة أن يكون خفض تكلفة التحويلات إلى 3% بحلول 2030، هو بمثابة هدف عالمى بموجب أهداف التنمية المُستدامة.

أما بالنسبة لعدد من البلدان في أفريقيا والجزر الصغيرة في المحيط الهادئ فإن التكلفة تفوق نسبة 10% مما يترتب عليه تشجيع استخدام القنوات غير الرسمية أو حتى المعاملات غير الشرعية، بما في ذلك غسيل الأموال. وعلاوة على ذلك فإن البيانات الحقيقية لا يتم تسجيلها في معظم الحالات مما يؤدى إلى تدنى التقديرات.

وحدد التقرير بنوكا في أفريقيا على أنها أكثر قنوات التحويل تكلفة إذ أنها تفرض الرسوم بنسبة 11% في المتوسط خلال الربع الأول من عام 2019. وتأتى مكاتب البريد في المرتبة الثانية من حيث التكلفة الباهظة وذلك بنسبة 7%. وتميل رسوم التحويل إلى أن تشمل علاوة اضافية في حالة وجود شراكة حصرية لمكاتب البريد الوطنية مع مشغلى مكاتب تحويل الأموال.

أما في أفريقيا وبالتالى في الكوميسا فقد ذكر الدكتور/ أونيانجو، بأن الالتزامات بإزالة القيود على تنقل الأفراد في أنحاء الاقليم ولا سيما المهنيين وغيرهم من العاملين الأساسيين هى الآن أمر في غاية الأهمية. فالقيود تؤدى إلى إعاقة انتاجية ونمو مصدر المهاجرين والبلدان البعيدة وبالتالى التحويلات المرتبطة بهم.

ومضى المدير إلى القول بأن الدول الأعضاء تحتاج إلى القيام باصلاحات تنظيمية مالية بهدف تبسيط تكاليف إرسال التحويلات وتخفيضها بشكل فعال. وإضافة إلى ذلك فإنه لا يتعين على الدول الأعضاء  تنفيذ البروتوكولات الخاصة بحرية تنقل الأفراد والأيدى العاملة والخدمات وإزالة متطلبات الحصول على تأشيرة السفر بشكل كامل فحسب، بل أيضا وضع القواعد واللوائح المحددة بهدف إرشاد وتسخير التحويلات كمصدر مهم لتحقيق النمو والتنمية.

أما على المستوى العالمي فقد أشار إلى أن هناك حاجة إلى استدامة الإصلاحات الخاصة بالهجرة وذلك نظرا للدور الذي يقوم به المهاجرون خلال فترة تفشى الجائحة في ظل وجود معظمهم في الخطوط الأمامية. وعلاوة على ذلك فإن الأهم أن هذه الإصلاحات تعزز التعايش السلمى بين البشر بهدف تعزيز التنمية الاقتصادية في العالم.